مركز شباب مدينة المنيا {أ}
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.




 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 السيره النبويه

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
نجم المركز محمد راضي

نجم المركز محمد راضي


المساهمات : 1094
تاريخ التسجيل : 20/09/2009
العمر : 31
الموقع : www.rady.own0.com

السيره النبويه Empty
مُساهمةموضوع: السيره النبويه   السيره النبويه Emptyالإثنين نوفمبر 30, 2009 1:50 pm

1- إسلام زيد بن سعنة رضي الله عنه
* عن عبد الله بن سلام : أن الله لما أراد هدى زيد بن سعية قال زيد : لم يبق شيء من علامات النبوة إلا وقد عرفتها في وجه محمد صلى الله عليه وسلم حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أخبر هما منه : يسبق حلمه جهلة ، ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلما .
قال:فكنت أتلطف له لأن أخالطه فأعرف حلمه وجهله، فذكر قصة إسلافه للنبي صلى الله عليه وسلم مالا في ثمرة. قال : فلما حل الأجل أتيته فأخذت بمجامع قميصه وردائه وهو في جنازة مع أصحابه ، ونظرت إليه بوجه غليظ ، وقلت : يا محمد ألا تقضيني حقي ؟ فو الله ما علمتكم بني عبد المطلب لمطل.
قال فنظر إلا عمر وعيناه تدوران في وجهه كالفلك المستدير، قم قال: يا عدو الله أتقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما أسمع، وتفعل ما أرى ؟ فوالذي بعثه بالحق لو ما أحاذر لومه لضربت بسيفي رأسك.
ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلى عمر في سكون وتؤدة وتبسم، ثم قال: " أنا وهو كنا أحوج إلى غير هذا منك يا عمر، أن تأمرني بحسن الأداء، وتأمره بحسن التباعة، أذهب به يا عمر فاقبضه حقه، وزد عشرين صاعاً من تمر ".
فأسلم زيد بن سعية رضي الله عنه، وشهد بقية المشاهد مع رسول الله.
درجات الحديث عند أه العلم.
صححة ابن حبان، والحاكم، وقال الحافظ المزي: هذا حديث حسن مشهور.
غريب القصة:
ـ زيد بن سعية: قال ابن عبد البر في الاستيعاب (1/543): " ويقال سعية بالياء والنون أكثر في هذا، كان من أحبار يهود، أسلم وشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم مشاهد كثيرة. "
ـ معطل:
أي أهل تأخير وتسويف في وفاء الدين ! وجاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " مطل الغني ظلم ، فإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع " . رواه البخاري ومسلم .
التباعة: ما يترتب عليه من أثر.
ـ صاعا: الصاع مكيال يكال به الحبوب وغيرها، وقيل إناء يشرب به وهو أربعة أمداد، والمد هو ملء كفي الإنسان المتوسط إذا زملاء هما ومد يده بهما، وبه سمي مدا"
الفوائد والعبرة:
1- على الداعية أن يملك نفسه عند الإساءة إليه ويصبر ولا يعجل.
2- الغضب آفة ومدمرة في طريق الدعوة.
3- الحلم خصلة من خصال العقل، قال أبو حاتم البستي في روضه العقلاء (208): " الحليم عظيم الشأن، رفيع المكان، محمود الأمر، مرضي الفعل،
والحليم: اسم يقع على زم النفس عن الخروج عند الورود عليها ضد ما تحب إلى ما نهى عنه، فالحلم يشتمل على المعرفة والصبر والأناة والتثبت، ولم يقرن شيء إلى شيء أحسن من عفو إلا مقدرة، والحلم أجمل ما يكون من المقتدر على الانتقام ".
4- من صفات القائد الناجح مشاركة أصحابه في السراء والضراء.
5- على الداعية أن يلين الجانب مع أصحابه، ويبتسم في وجوههم عند التوجيه.
6- استحباب حسن أداء الدين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: إن خياركم أحسنكم قضاء " رواه البخاري.
7- وكالة الشاهد جائزة في قضاء الدين.
8- جواز المطالبة بالدين إذا حل أجله.
9- حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم وعظيم حلمه وتواضعه وإنصافه.
10- إن من أساء الأدب على الإمام كان عليه التعزير بما يقتضيه الحال إلا أن يعفو صاحب الحق.
11- إن من عليه دين لا ينبغي له مجافاة صاحب الحق.
12- جواز وفاء ما هو أفضل من المثل المقترض إذا لم يقع شرطية ذلك في العقد فيحرم حينئذ إنفاقا وبه قال الجمهور. (8ـ12من فوائد الفتح 5/57).
13- حب النبي في قلوب الصحابة.
2- إسلام سلمان الفارسي رضي الله عنه
* عن عبد الله بن عباس، قال: حدثني سلمان الفارسي ـ من فيه ـ قال: كنت رجلاً فارسياً من أهل أصبهان، من أهل قرية يقال لها جَيْ، وكان أبي دهان قريته، وكانت أحب خلق الله إليه، فلم يزل حبه إياي حتى حبسني في بيته كما تحبس الجارية.
واجتهدت في المجوسية، حتى كنت قَطَنَ النار الذي يوقدها لا يتركها تخبو ساعة.
قال: وكانت لأبي ضيعة عظيمة، قال: فشغل في بنيان له يوماً فاق لي: يا بُني إني قد شغلت في بنياني هذا اليوم عن ضيعتي، فأذهب إليها فأطلعها، وأمرني فيها ببعض ما يريد. ثم قال: لي: ولا تحتبس عني فإنك إن احتبست عني كنت أهم إليّ من ضيعتي وشغلتني عن كل شيء من أمري.
قال : فخرجت أريد ضيعته التي بعثني إليها ، فمررت بكنيسة من كنائس النصارى ، فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون ، وكنت لا أدري ما أمر الناس ، لحبس أبي إياي في بيته ، فلما سمعت أصواتهم دخلت عليهم أنظر ما يصنعون ، فلما رأيتهم أعجبتني صلاتهم ورغبت في أمرهم ، وقلت : هذا والله خير من الدين الذي نحن عليه .
فوالله ما برحتهم حتى غربت الشمس وتركت ضيعة أبي فلم آتها. ثم قلت لهم: أين أصلُ هذا الدين ؟ قالوا: بالشام.
فرجعت إلى أبي وقد بعث في طلبي وشغلته عن أمره كله، فلما جئت قال: أي بني أين كنت ؟ ألم أكن أعهد إليك ما عهدته ؟ قال:قالت يا أبت مررت بأناس يصلون في كنيسة لهم، فأعجبني ما رأيت من دينهم، فوالله ما زلت عنهم حتى غربت الشمس.
قال : أي بني ، ليس في ذلك الدين خير ، دينك ودين آبائك خير منه .
قال:قلت: لا والله إنه لخير من ديننا.
قال : فخافني في رجلي قيدا ثم حبسني في بيته .
قال: وبعثت إلى النصارى فقلت لهم: إذا قدم عليكم ركب من الشام فأخبروني بهم . قال: فقدم عليهم ركب من الشام فجاءني النصارى فأخبروني بهم. فقلت إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الرجعة إلى بلادهم فآذنوني.
قال: فلما أردوا الرجعة إلى بلادهم أخبروني بهم، فألقيت الحديد من رجلي ثم خرجت معهم حتى قدمت الشام، فلما قدمتها قلت: من أفضل أهل هذا الدين علماً ؟ قالوا الأسقف في الكنيسة.
قال:فجئته فقلت له: إني قد رغبت في هذا الدين وأحببت أن أكون معك وأخدمك في كنيستك وأتعلم منك فأصلي معك. قال : أدخل . فدخلت: معه، فكان رجل سوء، يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها، فإذا جمعوا له شيئاً كنزه لنفسه ولم يعطه المساكين، حتى جمع سبع قلال من ذهب وورق. قال : وأبغضته بغضاً شديداً لما رأيته يصنع .
ثم:مات واجتمعت له النصارى ليدفنوه، فقلت لهم: إن هذا كان رجل سوء، يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها، فإذا جئتموه بها كنزها لنفسه ولم يعط المساكين منها شيئاً.
قال : فقالوا لي : وما علمك بذلك ؟ قال: فقلت لهم أنا أدلكم على كنزه.
قالوا: فدُلَّنا. قال:فأريتهم موضعه، فاستخرجوا سبع قلال مملوءة ذهباً وورقاً، فلما رأوها قالوا: لا ندفنه أبداً. قال : فصلبوه ورجموه بالحجارة .
وجاءوا برجل آخر فوضعوه مكانه. قال:سلمان: فما رأيت رجلاً لا يصلي الخمس أرى أنه أفضل منه، وأزهد في الدنيا ولا أرغب في الآخرة، ولا أدأب ليلاً ونهاراً.
قال : فأحببته حباً لم أحب شيئاً قبله مثله .
قال:فأقمت معه زماناً، ثم حضرته الوفاة، فقلت له: إني قد كنت معك، وأحببتك حباً لم أحبه شيئاً قبلك، وقد حضرك ما ترى من أمر الله تعالى، فإلي من توصي بي ؟ وبم تأمرني ؟ قال: أي بني والله ما أعلم اليوم أحداً على ما كنت عليه، لقد هلك الناس وبدلوا وتركوا أكثر ما كانوا عليه، إلا رجلاً بالموصل، وهو فلان، وهو على ما كنت عليه فالحق به.
قال: فلما مات وغيب لحقت بصاحب الموصل. فقلت:يا فلان، إن فلاناً أوصاني عند موته أن ألحق بك، وأخبرني أنك على أمره. قال:لي: أقم عندي فأقمت عنده فوجدته خير رجل على أمر صاحبه، فلم يلبث أن مات، فلما حضرته الوفاة قلت له: يافلان إن فلاناً أوصى بي إليك وأمرني باللحوق بك، وقد حضرك من أمر الله ما ترى، فإلى من توصي بي، وبم تأمرني "؟قال: يا بني والله ما أعلم رجلاً على مثل ما كنا عليه، إلا رجلاً بنصيبين، وهو فلان فالحق به.
فلما مات وغيب لحقت بصاحب نصيبين ، فأخبرته خبري وما أمرني به صاحباي ، فقال : أقم عندي فأقمت عنده ، فوجدته على أمر صاحبيه ، فأقمت مع خير رجل ، فوالله ما لبث أن نزل به الموت ، فلما حضر قلت له : يا فلان إن فلاناً كان أوصى بي إلى فلان ، ثم أوصى بي فلان إلى فلان ، ثم أوصى بي فلان إليك ،فإلى من توصي بي وبم تأمرني ؟
قال: يا بني والله ما أعلمه بقي أحد على أمرنا آمرك أن تأتيه، إلا رجل بعمورية من أرض الروم، فإنه على مثل ما نحن عليه. فإن أحببت فائته، فإنه على أمرنا.
فلما مات وغيب لحقت بصاحب عمورية، فأخبرته خبري، فقال: أقم عندي. فأقمت عند خير رجل على هدي أصحابه وأمرهم. قال: واكتسبت حتى كانت لي بقرات وغنيمة.
قال: ثم نزل به أمر الله، فلما حضر قلت له: يا فلان أين كنت مع فلان فأوصي بي إلى فلان، ثم أوصي بي فلان إلى فلان، ثم أوصي بي فلان إلى فلان، ثم أوصي بي فلان إليك، فإلى من توصي بي وبم تأمرني ؟ .
قال: أي بني، والله ما أعلم أصبح أحد على مثل ما كنا عليه من الناس آمرك أن تأتيه، ولكنه قد أظل زمان نبي مبعوث بدين إبراهيم يخرج بأرض العرب، مهاجره إلى أرض بين حرتين بينهما نخل، به علامات لا تخفى: يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، بين كتفيه خاتم النبوه، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل.
قال: ثم ما وغيب، ومكثت بعمورية ما شاء الله أن أمكث.
ثم مر بي نفر من كَلْب تجار، فقلت لهم احملوني إلى أرض العرب وأعطيكم بقراتي هذه وغنيمتي هذه. قالوا : نعم . فأعطيتهموها وحملوني معهم، حتى إذا بلغوا وادي القرى ظلموني فباعوني من رجل يهودي عبداً، فكنت عنده، ورأيت النخل، فرجوت أن يكون البلد الذي وصف لي صاحبي , ولم يحق في نفسي.
فبينا أنا عنده إذا قدم عليه ابن عم له من بني قريظة من المدينة، فابتاعني منه، فاحتملني إلى المدينة، فوالله ما هو إلا أن رأيتها فعرفتها بصفة صاحبي لها، فأقمت بها.
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقام بمكة ما أقام، ولا أسمع له بذكر مما أنا فيه من شغل الرق؛ ثم هاجر إلى المدينة.
فوالله إني لفي رأس عذق لسيدي أعمل فيه بعض العمل، وسيدي جالس تحتي إذا أقبل ابن عم له حتى وقف عليه فقال: يا فلان قاتل الله بني قيلة. والله إنهم لمجتمعون الآن بقباء على رجل قدم من مكة اليوم يزعمون أنه نبي.
قال سلمان: فلما سمعتها أخذتني الرعدة حتى ظننت أني ساقط على سيدي، فنزلت عن النخلة، فجعلت أقول لابن عمه ماذا تقول ؟ ماذا تقول ؟ .
قال : فغضب سيدي فلكمني لكمة شديدة . ثم قال مالك ولهذا ؟ أقبل على عملك .
قال:فقلت لا شيء إنما أردت أن استثبته عما قال.
قال : وقد كان عندي شيء قد جمعته ، فلما أمسيت أخذته ، ثم ذهبت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقباء ، فدخلت عليه فقلت له : إنه قد بلغني أنك رجل صالح ومعك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة ، وهذا شيء كان عندي للصدقة ، فرايتكم أحق به من غيركم .
قال: فقربته إليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (( كلوا )) وأمسك يده فلم يأكل.
فقلت في نفسي: هذا واحدة.
ثم انصرفت عنه فجمعت شيئاً، وتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ثم جئته فقلت له: إني قد رأيتك لا تأكل الصدقة، وهذه هدية أكرمتك بها. قال: فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم منها وأمر أصحابه فأكلوا معه.
قال:فقلت في نفسي هاتان ثنتان.
قال: ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ببقيع الغرقد قد تبع جنازة رجل من أصحابه وعليه شملتان وهو جالس في أصحابه، فسلمت عليه، ثم استدبرته أنظر إلى ظهره، هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي ؟ فلما رآني رسول الله استدبرته عرف أني أستثبت في شيء وصف لي، فألقى رداءه عن ظهره فنظرت إلى الخاتم فعرفته، فأكببت عليه أقبله وأبكي , فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " تحول " فتحولت بين يديه، فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا ابن عباس فأعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسمع ذاك أصحابه.
ثم شغل سلمان الرق حتى فاته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدر وأحد.
قال سلمان: ثم قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " كاتب يا سلمان " فكاتبت صاحبي على ثلاثمائة نخلة أحييها له بالفقير وأربعين أوقية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: " أعينوا أخاكم " فأعانوني في النخل: الرجل بثلاثين ودية، والرجل بعشرين ودية، والرجل بخمس عشرة ودية، والرجل بعشرة، يعين الرجل بقدر ما عنده، حتى اجتمعت لي ثلاثمائة ودية. فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " أذهب يا سلمان ففقر لها، فإذا فرغت فائتني أكن أنا أضعها بيدي ".
قال: ففقَّرت، وأعانني أصحابي، حتى إذا فرغت جئته فأخبرته. فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معي إليها، فجعلنا نقرب إليه الوديّ، ويضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، حتى إذا فرغنا، فوالذي نفس سلمان بيده ما ماتت منها ودية واحدة.
فأديت النخل وبقي عليّ المال. فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل بيضة الدجاجة من ذهب من بعض المعادن. فقال : " ما فعل الفارسي المكاتب ؟" قال:: فدعيت له قال: " خذ هذه فأدِّها مما عليك يا سلمان ".
قال : قلت : وأين تقع هذه مما علي يا رسول الله ؟ قال: " خذها فإن الله سيؤدِّي بها عنك " قال: فأخذتها فوزنت لهم منها، والذي نفس سلمان بيده، أربعين أوقية، فأوقيتهم حقهم.
وعتق سلمان، فشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق حُرّا ثم لم يفتني معه مشهد.
وقد روى البيه قي في كتاب دلائل النبوة قصة سلمان هذه من طريق يونس ابن بكير، عن محمد بن إسحاق كما تقدم ورواها أيضاً عن الحاكم عن الأصم ابن يحيى بن أبي طالب
وطريق محمد بن إسحاق أقوى إسناداً وأحسن اقتصاصاً وأقرب إلى ما رواه البخاري في صحيحة من حديث معتمر بن سليمان بن طرخان التيمي، عن أبيه، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان الفارسي ,أنه تداوله بضعه عشر، من رب إلى رب، أي من معلِّم إلى معلم ومرب إلى مثله.والله أعلم.
درجة الحديث عند أهل العلم:
قواه الذهبي وابن حجر.
غريب القصة:
ـ جي: مدينة في أصبهان ( معجم البلدان 2/202 ).
ـ دهان: شيخ القرية العارف بالفلاحة وما يصلح الأرض.
ـ قطن النار: هو خادمها الذي يخدمها ويمنعها من أن تنطفئ.
ـ تخبو: تطفأ.
ـ الأسقف : عالم النصارى الذي يقيم لهم أمر دينهم ، ويقال أسقف بالتخفيف أيضاً
ـ قلال : القلال جمع قلة وهي الجرة العظيمة ( النهاية 4/104).
ـ ورق : أي فضه .
ـ الموصل : مدينة في العراق .
ـ عمورية : هي بلد من الروم فتحها المعتصم سنة ثلاثة وعشرين ومئتين ( معجم البلدان 5/158 ) .
ـ نصيبين : مدينة عامرة من بلاد الجزيرة على جادةالقوافل من الموصل إلى الشام (معجم البلدان 5/88) .
ـ حرتين : كل أرض ذات حجارة سود .
ـ وادي القرى : هو واد بين المدينة والشام (معجم البلدان 5/345) .
ـ رأس عذق : نخلة .
ـ بنو قيلة : الأوس والخزرج .
ـ بقيع الغرقد : مقبرة أهل المدينة .
ـ شملتان : مثنى والشملة الكساء الغليظ يشتمل به الإنسان أي يلتحف به .
ـ ودية : النخلة الصغيرة .
الفوائد والعبر :
1- ثمرة طاعة الوالدين تجلب الحب .
2- الحبس والعراقيل والقيود من أساليب المجرمين في الصد عن سبيل الله .
3- في سبيل الإيمان تهون الدنيا وما حوت .
4- الإيمان أقوى من كل المؤثرات .
5- المؤمن مستعد لكل الاحتمالات .
6- أهل الفساد أحياناً يرتدون ثياب الصلاح .
7- طريق العلم لا ينال إلا بملازمة أهله .
8- من يتق الله يعجل له مخرجا , ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيرا منه .
9- ميزان الإيمان الحب في الله والبغض في الله .
10- الإصغاء للمتحدث والاستماع له أدب رفيع من أخلاق النبوة .
11- تفقد القائد لأصحابه .
12- شراء المملوك من الحربي وهبته وعتقه ( قاله البخاري ) .
13- التعاون مع صور التكافل والتضامن الاجتماعي .
3- إسلام حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه
* عن محمد بن كعب القرظي قال : كان إسلام حمزة رضي الله عنه حمية ، وكان يخرج من الحرم فيصطاد ، فإذا رجع مر بمجلس قريش , وكانوا يجلسون عند الصفا والمروة فيمر بهم فيقول : رميت كذا وكذا ، وصنعت كذا وكذا ، ثم ينطلق إلى منزله فأقبل من رميه ذات يوم ، فلقيته امرأة فقال : يا أبا عمارة ماذا لقي ابن أخيك من أبي جهل بن هشام شتمه وتناوله وفعل وفعل فقال : هل رآه أحد ؟ قالت : أي والله لقد رآه ناس ، فأقبل حتى أنتهى إلى ذلك المجلس عند الصفا والمروة فإذا هم جلوس وأبو جهل فيهم فاقبل فاتكأ على قوسه وقال : رميت كذا وكذا وفعلت كذا وكذا ، ثم جمع يديه بالقوس فضرب بها بين أذني أبي جهل فدق سنتها ثم قال : خذها بالقوس وأخرى بالسيف أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه جاء بالحق من عند الله قالوا : يا أبا عمارة إنه سب آلهتنا وإن كنت أنت وأنت أفضل منه ما أقررناك وذلك وما كنت با أبا عمارة فاحشاً .
* قال يونس بن بكير : عن محمد بن إسحاق : حدثني رجل من أسلم ـ وكان واعية ـأن أبا جهل اعترض رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصفا فآذاه وشتمه ونال منه ما يكره من العيب لدينه ، فذكر ذلك لحمزه بن عبد المطلب ، فأقبل نحوه ، حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه بها ضربة شحه منها شجه منكره . وقامت رجال من قريش من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل منه . وقالوا ما نراك ياحمزة إلاقد صبأت .
قال حمزة . ومن يمنعني وقد أستبان لي منه ما أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن الذي يقول حق . فوالله لا أنزع ، فامنعوني إن كنتم صادقين .
فقال أبو جهل : دعو أبا عمارة فإني والله لقد سببت ابن أخيه سباً قبيحاً .
فلما أسلم حمزة عرفت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عز وامتنع ، فكفوا عما كانوا يتناولون منه . قال حمزة في ذلك شعراً .
قال ابن إسحاق : ثم رجع حمزه إلى بيته فأتاه الشيطان فقال : أنت سيد قريش اتبعت هذا الصابئ وتركت دين آبائك للموت خير لك مما صنعت .
فأقبل حمزة على نفسه وقال : ما ضعت اللهم إن كان رشداً فاجعل تصديقه في قلبي وإلا فاجعل لي مما وقعت فيه مخرجا .
فبات بليلة لم يبت بمثلها من وسوسة الشيطان .
حتى أصبح فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا ابن أخي إني قد وقعت في أمر ولا أعرف المخرج منه ، وإقامة مثلي على ما لا أدري ما هو أرشد أم هو غي شديد فحدثني حديثاً ، فقد اشتهيت يا ابن أخي أن تحدثني .
فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره ووعظه ، وخوفه وبشره فألقى الله في قلبه الإيمان بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فقال : أشهد أنك الصادق شهادة الصدق ، فأظهر يا ابن أخي دينك ، فوالله ما أحب أن لي ما أظلته السماء وأني على ديني الأول .
فكان حمزة ممن أعز الله به الدين .
غريب القصة :
ـ شجه : شق جلد رأسه أو وجهه ، ويقال شج رأسه ، وشجه في رأسه أو وجهه .
ـ صبأت : أي أسلمت .
ـ الصابئ : بالياء اللينة ، وكانوا يسمون من أسلم صابيا لأنه يصبو إذا انتقل من شيء إلى شيء ( فتح الباري 7/175/176 ) .
الفوائد والعبرة :
1- الصبر علىالإيذاء في سبيل الدعوة إلى الله .
2- الإيمان حلاوة ولذة لا يساويها شيء .
3- الشيطان عدو الإنسان يحاول أن يغويه بكل سبيل .
4- صاحب العقيدة ثابت وصاحب الرأي شاك وسريع التحول .
5- الانتفاع بالعصبية القبلية لنصرة الدين .


4- إسلام أبي ذر رضي الله عنه
* عن ابن عباس . قال لما بلغ أبا ذر مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأخيه : أركب إلى هذا الوادي فاعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي يأتيه الخير من السماء ، فاسمع من قوله ثم أئني .
فانطلق الآخر حتى قدمه وسمع من كلامه ، ثم رجع إلى أبي ذر فقال له : رأيته يأمر بمكارم الأخلاق وكلاماً ما هو بالشعر .
فقال : ما شفيتني مما أردت .
فتزود وحمل شنة له فيها ماء ، حتى قدم مكة ، فأتي المسجد فالتمس رسول الله صلى الله عليه وسلم ولايعرفه ، وكره أن يسأل عنه ، حتى أدركه بعض الليل اضطجع فرآه علي فعرف أنه غريب ، فلما رآه تبعه ولم يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء حتى أصبح ، ثم احتمل قربته وزاده إلى المسجد ، وظل ذلك اليوم ولا يراه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أمسى ،فعاد إلى مضجعه . فمر به علي فقال : أما آن للرجل أن يعلم منزله فأقامه فذهب به معه لا يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء .
حتى إذا كان اليوم الثالث فعاد عليّ على مثل ذلك ، فأقام معه فقال : ألا تحدثني بالذي أقدمك ؟ قال : إن أعطيتني عهداً وميثاقاً لترشدنني فعلت . ففعل فأخبره . قال : فإنه حق وإنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أصبحت فاتبعني ، فإني إن رأيت شيئا أخاف عليك قمت كأني أريق الماء ، وإن مضيت فاتبعني حتى تدخل مدخلي .
ففعل ، فانطلق يقفوه حتى دخل على النبي صلى الله عليه وسلم ودخل معه ، فسمع من قوله وأسلم مكانه .
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري " .
فقال : والذي بعثك بالحق لأصرخن بها بين ظهرانيهم .
فخرج حتى أتي المسجد فنادى بأعلى صوته : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، ثم قام القوم فضربوه حتى أضجعوه .
فأتى العباس فأكب عليه فقال : ويلكم ! ألستم تعلمون أنه من غِفَار ، وأن طريق تجارتكم إلى الشام ؟ ! فأنقذه منهم . ثم عاد من الغد بمثلها فضربوه وثاروا إليه فأكب العباس عليه
هذا لفظ البخاري .
• عن أبي ذر قال :خرجنا من قومنا غِفار ، وكانوا يحلون الشهر الحرام ، أنا وأخي أنيس وأمناً .
فانطلقنا حتى نزلنا على خالٍ لنا ذي مال وذي هيئة ، فأكرمنا خالنا وأحسن إلينا ، فحسدنا قومه فقالوا له : إنك إذا خرجت عن أهلك خلفك إليهم أنيس .
فجاء خالنا فنثى ما قيل له فقلت له : أما ما مضى من معروفك فقد كدرته ، ولا جماع لنا فيما بعد .
قال : فقربنا صرمتنا فاحتملنا عليها ، وتغطى خالنا بثوبه وجعل يبكي .
قال : فانطلقنا حتى نزلنا حضرة مكة ، قال فنافر أنيس عن صرمتنا وعن مثلها ، فأتبا الكاهن فخير أنيسا . فأتانا بصرمتنا ومثلها .
وقد صلَّيت يا ابن أخي ، قبل أن ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين .
قال : قلت لمن ؟ قال : لله . قلت : فأين توجه ؟ قال : حيث وجهني الله . قال وأصلي عشاء حتى إذا كان من آخر الليل ألفيت كأني خفاء حتى تعلوني الشمس .
قال : فقال أنيس : إن لي حاجة بمكة فألقني حتى آتيك . قال : فانطلق فراث علي ، ثم أتاني فقلت : ما حبسك قال : لقيت رجلا يزعم أن الله أرسله على دينك قال : فقلت : ما يقول الناس له ؟ قال : يقولون إنه شاعر وساحر . وكان أنيس شاعراً .
قال : فقال : لقد سمعت الكهان فما يقول بقولهم، وقد وضعت قوله على إقراء الشعر فوالله ما يلتئم لسان أحد أنه شعر ، ووالله إنه لصادق وإنهم لكاذبون .
قال : فقلت له : هل أنت كافي حتى أنطلق ؟ قال : نعم ! وكن من أهل مكة علىحذر، فإنهم قد شنعواله وتجهموا له .
قال : فأنطلقت حتى قدمت مكة فتضعفت رجلا منهم فقلت : أين هذا الرجل الذي يدعونه الصابئ ؟ قال : فأشار إلى . فمال أهل الوادي عليّ بكل مدرة وعظم حتى خررت مغشياً علي ، ثم ارتفعت حين ارتفعت كأني نصب أحمر ، فأتيت زمزم فشربت من مائها وغسلت عني الدم ودخلت بين الكعبة وأستارها ، فلبثت به يا بن أخي ثلاثين من يوم وليلة ما لي طعام إلا ماء زمزم ، فسمنت حتى تكسرت عُكن بطني وما وجدت على كبدي سخفة جوع .
قال : فبينا أهل مكة في ليلة قمراء إضحيان وضرب الله على أشحمه أهل مكة ، فما يطوف بالبيت غير امرأتين ، فأتتا علي وهما يدعوان إساف ونائلة .
فقلت : أنكحوا أحدهما الآخر . فما ثناهما ذلك . فقلت : وهن مثل الخشبة غير أني لم أركن .
قال : فانطلقتا يولولان ويقولان : لو كان ههنا أحد من أنفارنا .
قال : فاستقبلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وهما هابطان من الجبل فقالا : مالكما ؟ فقالتا : الصابئ بين الكعبة وأستارها . قالا : ما قال لكما ؟ قالتا : قال لنا كلمة تملأ الفم .
قال : وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وصاحبه حتى استلم الحجر وطاف بالبيت ، ثم صلى .
قال : فأتيته فكنت أول من حياه بتحية أهل الإسلام . فقال : " عليك السلام ورحمة الله . من أنت ؟ " قال " قلت : من غفار ، قال : فأهوى بيده فوضعها على جبهته ، قال : فقلت في نفسي : كره أن أنتميت إلىغفار .
قال : فأردت أن آخذ بيده فقذفني صاحبه ، وكان أعلم به مني ، قال : متى كنت ههنا ؟ قال : قلت : كنت ههنا منذ ثلاثين من بين ليلة ويوم .
قال : فمن كان يطعمك ؟ قلت : ما كان إلا ماء زمزم ، فسمنت حتى تكسرت عكن بطني ، وما وجدت على كبدي سخفة جوع .
قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنها مباركة ، إنها طعام طعم " .
قال : فقال أبو بكر : أئذن لي يا رسول الله في طعامه الليلة . قال : ففعل .
قال : فانطلق النبي صلى الله عليه وسلم وأنطلقت معهما ، حتى فتح أبو بكر بابا فجعل يقبض لنا من زبيب الطائف ، قال : فكان ذلك أول طعام أكلته بها . فلبثت ما لبثت .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إني قد وجَّهت إلى أرض ذات نخل ولا أحسبها إلا يثرب ، فهل أنت مبلغ عني قومك ، لعل الله ينفعهم بك ويأجرك فهيم " ؟
قال : فانطلقت حتى أتيت أخي أنيسا ، قال : فقال لي : ما صنعت ؟ قال قلت صنعت أني أسلمت وصدقت .
قال : فما بي رغبة عن دينك فإني قد أسلمت وصدقت . ثم أيتنا أمنا فقالت : ما بي رغبة عن دينكما ، فإني قد أسلمت وصدقت ، فتحملنا حتى أتينا قومنا غِفار . قال فأسلم بعضهم قبل أن يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، وكان يؤمهم خفاف بن أيماء بن رخصة الغفاري وكان سيدهم يومئذ . وقال بقيتهم : إذا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلمنا . قال فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم بقيتهم . قال وجاءت أسلم فقالوا : يا رسول الله إخواننا نسلم على الذي أسلموا عليه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " غفار غفر الله لها ، وأسلم سالمها الله " .
ورواه مسلم عن هدية بن خالد عن سليمان بن المغيرة به نحوه . وقد روى قصه إسلامه علىوجه آخر وفيه زيادات غريبة فالله أعلم .
غريب القصة :
- الوادي : وادي مكة .
- شنة : هي القربة البالية .
- لأصرخن بها : أي كلمة التوحيد أي جهاراً .
- غفار : بكسر العين القبيلة المعروفة ، وهم بنو غفار بن مليل .
- فنثى : أي أشاعة وأفشاه .
- صرمتنا : الصرمة هي القطعة من الإبل ، وتطلق أيضاً على القطعة من الغنم .
- فنافر : المنافرة المفاخرة .
- عكن بطني :جمع عكنة ، وهو الطي في البطن من السمن .
- سخفة جوع : أي رقة الجوع وضعفه وهزله .
- إضحيان : أي مضيئة منورة .
- أشحمه : وفي رواية عن مسلم ( أسمختم ) أي جمع سماخ وهو الخرق الذي في الأذن يفضي إلى الرأس وهي الآذان أي ناموا .
- إساف ونائلة : صنمان كانا بمكة نصب أحدهما على الصفا والآخر على المروة ( معجم البلدان 1 / 170 ) .
- يولولان : الولولة الدعاء بالويل .
الفوائد والعبر:
1-الحذر عند بداية الدعوة أمر مطلوب .
2- قد يلاقي الإنسان العنت والعذاب بسبب ما يؤمن به فعليه بالصبر.
3- قد يهون الله على الإنسان المصاعب الجسدية المتعلق بالجوع إذ أن ما ينشغل به روحه من إيمان ينسيه حاجات الجسد .
4- بركة ماء زمزم .
5- جواز قول الحق عند من يخشى منه الأذية لمن قال ، وإن كان السكوت جائزا ، والتحقيق أن ذلك مختلاف الأحوال والمقاصد وبحسب ذلك يترتب وجود الأجر وعدمه ( الفتح 7/175)
5- من أساليب المشركين في وأد الدعوة
* روى البخاري في التاريخ عن عقيل بن أبي طالب قال : جاءت قريش إلى أبي طالب فقالوا : إن ابن أخيك هذا قد آذانا في نادينا ومسجدنا فانهه عنا .
فقال : يا عقيل انطلق فأنني بمحمد .. فانطلقت فاستخرجته من كنس أو قال خنس ، يقول : بيت صغير ، فجاء به في الظهيرة في شدة الحر .
فلما آتاهم قال : إن بني عمك هؤلاء زعموا أنك تؤذيهم في ناديهم ومسجدهم ، فانته عن أذاهم .
فحلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ببصره إلى السماء . فقال : (( ترون هذه الشمس ؟ )) قالوا نعم ! قال : (( فما أنا بأقدر أن أدع ذلك عنكم على أن تشتعلوا منه بشعلة )) .
ففال أبو طالب : والله ما كذب أبن أخي قط فارجعوا .
قال ابن إسحاق : ثم قال أبو طالب في ذلك .
والله لن يصلوا إليك بجمعهم
فامضي لأمرك ما عليك غضاضة
وعدوتني وعلمت أنك ناصحي
وعرضت دينا قد عرفت بأنه
لولا الملامة أو حذاري سبة

حتى أو سد في التراب دفينا
أبشر وقر بذاك منك عيوناً
فلقد صدقت وكنت قدم أميناً
من خير أديان البرية ديناً
لوجدتني سمحاً بذاك مبيناً


وفي ذلك لالة على أن الله تعالى عصمه بعمه مع خلافه إياه في دينه ، وقد كان يعصمة حيث لا يكون بما شاء , لا معقب لحكمه .
درجة الحديث عن أهل العلم :
صححه
الحافظ ابن حجر ، وحسنه الألباني .
الفوائد والعبر :
1- إراده الله أقتضت أن يعصم الله رسوله صلى الله عليه وسلم بعمة رغم خلاف المعتقد .
2- صبر الداعية على أذى قومه من مستلزمات الدعوة .
3- ثبات الإيمان في قلب المؤمن لا يحركه شيء
4- دعوة النبي صلى الله عليه وسلم ميدانية في كل مكان .
5- موقف المشركين المشين من دعوة النبي صلى الله عليه وسلم , والتحريض والتأليب عليه .
6- إيذاء المشركين للرسول صلى الله عليه وسلم
* عن عروة بن الزبير قال : سألت ابن عمرو بن العاص فقلت :أخبرني باشدِّ شيء صنعه المشركون برسول الله .
قال : بينما النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في حجر الكعبة ، إذا أقبل عليه عقبة بن معيط فوضع ثوبه على عنقه فخنقه خنقاً شديداً .
فأقبل أبو بكر رضي الله عنه حتى أخذ بمنكبه ودفعه عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال : " أنقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم " الآية [ غافر :28]
• عن عروة قال : قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص : ما أكثر ما رأيت قريشاً أصابت من رسول الله فيما كانت تظهره من عداوته؟ فقال : لقد رأيتهم وقد اجتمع أشرافهم يوما في الحجر ، فذكروارسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من هذا الرجل قط ، سفه أحلامنا وشتم آباءنا ، وعاب ديننا وفرق جماعتنا ، وسب الهتنا ، وصرنا منه على أمر عظيم . أو كما قالوا .
قال : فبينما هم في ذلك طلع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقبل يمشي حتى أستلم الركن ، ثم مر بهم طائفاً بالبيت فغمزوه ببعض القول . فعرفت ذلك في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فمضى ، فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها ، فعرفتها في وجهه . فمضى ، فمر بهم الثالثة فغمزوه بمثلها .
فقال : " أتسمعون يا معشر قريش ؟ أما والذي نفسي بيده لقد جئتكم بالذبح " .
فأخذت القوم كلمته ، حتى ما منهم من رجل إلا وكأنما على رأسه طائر وقع , حتى إن أشدهم فيه وصاة قبل ذلك ليرفأه حتى إنه ليقول : انصرف أبا القاسم راشداً فما كنت بجهول . فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم .
حتى إذا كان الغد اجتمعوا في الحجر وأنا معهم ، فقال بعضهم لعبض . ذكرتم ما بلغ منكم ومابلغكم عنه . حتى إذا بادأكم بما تكرهون تركتموه !
فبينما هم على ذلك طلع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوثبوا إليه وثبة رجل واحد فأحاطوا به يقولون : أنت الذي تقول كذا وكذا ؟ لما كان يبلغهم من عيب آلهتهم ودينهم .
فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " نعم أنا الذي أقول ذلك "
ولقد رأيت رجلاً منهم أخذ بمجامع ردائه ، وقام أبو بكر يبكي دونه ويقول : ويلكم ( أتقلون رجلا أن يقول ربي الله ) ثم أنصرفوا عنه .
فإن ذلك لأكبر ما رأيت قريشا بلغت منه قط .
غريب القصة :
ـ منكبه : المنكب هو مجتمع رأس العضد والكتف ( المعجم الوسيط 2 / 950) .
ـ الوصاة : أي الذي يوصون بإذائه .
ـ يرفأه : أي يسكنه ويرفق به ويدعو له ( النهاية 2/241) .
الفوائد والعبر :
1- ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة لغيره في الصبر .
2- ثبات الإيمان في القلب لا يحركه شيء .
3- من أساليب أهل الباطل في إيذاء أهل الإيمان .
4- صدق الداعية يرعب الأعداء .
5- حب أبي بكر الصديق رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم .
6- جواز الصلاة في حجر الكعبة .
7-أثر القرآن الكريم على النفوس
• عن ابن عباس ، أن الوليد بن المغيرة جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه القرآن ، فكأنه رق له ، فلبغ ذلك أبا جهل ، فأتاه فقال : يا عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا .قال : لم ؟ قال : ليعطوكه ، فإنك أتيت محمداً لتعرض ما قبله !
• قال : قد علمت قريش أني من أكثرها مالا .
• قال فقل فيه قولا يبلغ قومك أنك منكر له .
قال : وماذا أقول ؟ فوالله ما منكم رجل أعرف بالاشعار مني ، ولا أعلم برجزه ولابقصيده مني ، ولا بأشعار الجن ، والله ما يشبه الذي يقول شيئاً من هذا ، ووالله إن لقوله الذي يقوله حلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإنه لمثمر أعلاه ، مغدق أسفله ، وإنه ليعلو ولا يعلى ، وإنه ليحطم ما تحته .
قال : لايرضىعنك قومك حتى تقول فيه .
قال : قف عني حتى أفكر فيه .
فلما فكر قال : إن هذا إلا سحر يؤثر يأثره عن غيره ، فنزلت : { ذرني ومن خلقت وحيداً وجلعت له مالا ممدوداً وبنين شهوداً .. } الآيات . [ المدثر : 11] .
• عن ابن عباس ـ أن الوليد بن المغيرة اجتمع ونفر من قريش وكان ذا سن فيهم ، وقد حضر المواسم فقال : إن وفود العرب ستقدم عليكم فيه وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا فأجمعوا فيه رأياً واحداً ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضا ، ويرد قول بعضكم بعضا . فقيل : يا أبا عبد شمس فقل وأقم لنا رأيا نقوم به ، فقال : بل أنتم تقولون وأنا أسمع . فقالوا نقول كاهن ؟ فقال : ما هو بكاهن رأيت الكهان ، فما هو بزمزمه الكهان ، فقالوا : نقول مجنون ، فقال : ما هو بمجنون ولقد رأينا الجنون وعرفناه هو بحنقه ولا تخالجه ولا وسوسته ،
قالوا : نقول شاعر ؟ فقال : ما هو بشاعر قد عرفنا الشعر برجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه فما هو بالشعر . قالوا : فنقول هو ساحر ؟ قال : ما هو بساحر قد رأينا السحار وسحرهم فما هو بنفثه ولا بعقده . قالوا فما نقول يا أبا عبد شمس ؟ قال : والله إن لقوله لحلاوة ، وإن أصله لمغدق ، وإن فرعه لجنى فما أنتم بقائلين من هذا شيئاً إلا عرف أنه باطل ، وأن أقرب القول لأن تقولا هذا ساحر ، فتقولوا هو ساحر يفرق بين المرء ودينه ، وبين المرء وأبيه ، وبين المرء وزوجته ، وبين المرء وأخيه ، وبين المرء وعشيرته فتفرقوا عنه بذلك فجعلوا يجلسون للناس حتى قدموا الموسم لا يمر بهم أحد إلاحذروه إياه وذكروا لهم أمره وأنزل الله في الوليد : { ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدوداً وبنين شهوداً } الآيات . وفي أولئك النفر الذين جعلوا القرآن عضين { فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون } [ الحجر : 92] .
درجة الحديث عند أهل العلم :
صححه الحاكم وأقره الذهبي .
غريب القصة :
ـ رق له : أي لان ومال إليه .
رجزه : الرجز بحر من بحور الشعر معروف ، ونوع من أنواعه يكون كل مصراع منه مفردا وتسمى قصائده أراجيز واحدها ارجوزة فهو كهيئة السجع إلا أنه في وزن الشعر ويسمى قائله راجزا كما يسمى قائل بحور الشعر شاعراً ( النهاية 2/199) .
- طلاوة : أي رونقا وحسنا ، وقد تفتح الطاء ( النهاية 3 /137) .
- مغدق : الغدق المطر الكبار القطر ، والمغدق مغفل منه ( النهاية 3 / 345) .
- يؤثر : أي ليس هذا القرآن إلا سحرا ينقله عن غيره من البشر .
الفوائد والعبر :
1- اعتراف مشركي قريش بما في كتاب الله من الإعجاز مع كوني من أهل اللغة .
2- أثر القرآن الكريم على النفوس .
3- نشاط الكفار في الباطل .
4- الحجود وإنكار المعروف وعدم شكر النعمة .
5- جواز مجادلة المشركين ، وإقامة الحجة عليهم .
8- عرض عتبة الزائف للرسول عليه السلام
* عن جابر بن عبد الله ، قال : أجتمع قريش يوما فقالوا : أنظروا أعلمكم بالسحر والكهانة والشعر ، فليأت هذا الرجل الذي فرق جماعتنا وشتت أمرنا وعاب ديننا ، فليكلمه ولينظر ماذا يرد عليه .
فقالوا: ما نعلم أحدا غير عتبة بن ربيعة ، فقالوا أنت يا أبا الوليد ..
فأته عتبة فقال : يا محمد أنت خير أم عبد الله ؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال : أنت خير أم عبد المطلب ؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال : فإن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك فقد عبدوا الآلهة التي عبت ، وإن كنت تزعم أنك خير منهم فتكلم حتى نسمع قولك ، إنا والله ما رأينا سخلة قط أشأم على قومه منك ، فرقت جماعتنا وشتت أمرنا ، وعبت ديننا ، وفضحتنا في العرب ،حتى لقد طار فيهم أن في قرش ساحراً ، وأن في قريش كاهنا ، والله ما ننتظر إلا مثل صيحة الحبلى أن يقوم بعضنا إلى بعض بالسيوف حتى نتفانى ، أيها الرجل ! إن كان إنما بك الحاجة جمعنا لك حتى تكون أغنى قريش رجلا ، وإن كان إنما بك الباءة فاختر أي نساء قريش شئت فلنزوجك عشراً .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فرغت ؟ " قال : نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم . كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون } [ فصلت : 1،2 ] إلى أن بلغ { فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود } [ فصلت" 13]
فقال عتبة : حسبك ، ما عندك غير هذا ؟ قال : لا فرجع إلى قريش فقالوا : ما وراءك ؟ قال : ما تركت شيئا أرى أنكم تكلمونه إلا كلمته .
قالوا : فهل أجابك ؟ فقال : نعم . ثم قال : لا والذي نصبها بنية ما فهمت شييئا مما قال ، غير أنه أنذركم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود .
قالوا : ويلك ! يكلمك الرجل بالعربية لا تدري ما قال ؟
قال : لا والله ما فهمت شيئاً مما قال غير ذكر الصاعقة .
وقد رواه البيهقي .
وزاد : وإن كنت إنما بك الرياسة عقدنا ألويتنا لك فكنت رأساً ما بقيت .
وعنده أنه لما قال : (( فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود))
أمسك عتبة على فيه وناشده الرحم أن يكف عنه , ولم يخرج إلى أهله وأحتبس عنهم .
فقال أبوجهل : والله يا معشر قريش ما نرى عتبه إلا صبا إلىمحمد وأعجبه طعامه ، وما ذاك إلا من حاجة أصابته ، أنطلقوا بنا إليه فأتوه .
فقال أبوجهل : والله يا عتبه ما جئنا إلا أنك صبوت إلى محمد وأعجبك أمره ،فإن كان بك حاجة جمعنا لك من أموالنا ما يغنيك عن طعام محمد .
فغضب وأقسم بالله لا يكلم محمدا أبداً . وقال : لقد علمتم أني من أكثر قريش مالا ، ولكني أتيته ،وقص عليهم القصة ، فأجابني بشيء والله ما هو بسحر ولا بشعر ولا كهانة ، قرأ " بسم الله الرحمن الرحيم تنزيل من الرحمن الرحيم " حتى بلغ " فإن أعرضوا فقل انذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود " [ فصلت " 13] فأمسكت بفيه وناشدته الرحم أن يكف ، وقد علمتم ن محمداً إذا قال شيئاً لم يكذب ، فخفت أن ينزل عليكم العذاب .
درجة الحديث عند أهل العلم :
صححه الحاكم ووافقه الذهبي ، وقال الألباني : سنده حسن إن شاء الله .
غريب القصة :
ـ الكهانة : الكاهن : الكاهن الذي يتعاطى الخبر عن الكائنات في مستقبل الزمان ، ويدعى معرفة الأسرار ، وقد كان في العرب كهنة ، كشق ، وسطيح ، وغيرهما فمنهم من كان يزعم أن له تابعا من الجن ورئيا يلقي إلى الاخبار ، ومنهم من كان يزعم أنه يعرف الأمور بمقدمات أسباب يستدل بها على مواقعها من كلام من يسأله أو فعله أو حاله، وهذا يخصونه باسم العراف ، كالذي بدعي معرفة الشيء المسروق ، ومكان الضالة ونحوهما .
والعرب تسمي كل من يتعاطى علما دقيقا : كاهنا ، ومنهم من كان يسمى المنجم والطبيب كاهنا ( النهاية 4/215,214) .
ـ سخلة : السخلة الذكر والانثى من ولد الضأن والمعز ساعة يولد ، والجمع سخل ، وسخال ، وسخلان ( المعجم الوسيط 1 / 422 ) .
ـ أشام : الشؤم ضد اليمين يقال تشاءمت بالشيء وتيمنت به ( النهاية 2/511) .
ـ الباءة : بالمد الموضع الذي تبوء إليه الأبل ثمجعل عبارة عن المنزل ثم كنى به عن الجماع لأنه لايكون غالبا إلا في الباءة ، أو لأن الرجل يتبوأ من أهله ، أي يتمكن كما يتبوأ من داره ( التوقيف على مهمات التعاريف 109) .
ـ بَنَّية : أي الكعبة .
الفوائد والعبر :
1- عند المحاورة علىالداعية أن يترك الطرف الآخر يتكلم ويفهم ما يريد ولا يقاطعه ، وبعد أن يفرغ يجيبه .
2- الدنيا لا قيمة لها بعين الداعية .
3- أثر الرفقة السيئة على الآخرين .
4- شهادة الكفار بصدق النبي صلى الله عليه وسلم .
5- الاغراءات والشهوات والمناصب والنساء لاتثني الداعية عن هدفه الحق .
6- لين الجانب في الدعوة واستماله قلب الخصم أمر مطلوب .
7- روعة القرآن الكريم التي تأخذ بالقلوب ، وخطره على المكذبين ، قال القاضي عياض في الشفا : " وعن عتبه بن ربيعة أنه كلم النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من خلاف قومه فتلا عليهم ( حم ) فصلت إلى قوله ( صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود ) فأمسك عتبه بيده على في النبي صلى الله عليه وسلم وناشده الرحم أن يكف ، وفي رواية فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ وعتبة مصغ ملق يديه خلف ظهره معتمد عليهما حتى انتهى إلىالسجدة فسجد النبي صلى الله عليه وسلم وقام عتبه لا يدري بم يراجعه ورجع إلى اهله ولم يخرج إلى قومه حتى أتوه فاعتذر لهم وقال : والله لقد كلمني بكلام والله ما سمعت أذناي بمثله قط فما دريت ما أقول له , وقد حكى عن غير واحد ممن رام معارضته أنه اعترته روعة وهيبة كف بها عن ذلك " .
9 – الهجرة إلى الحبشة
* عن أم سلمة رضي الله عنها ، أنها قالت : لما ضاقت مكة وأوذى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفتنوا ورأوا ما يصيبهم من البلاء والفتنة في دينهم وأن رسول صلى الله عليه وسلم لايستطيع دفع ذلك عنهم ، وكان رسول الله في منعة من قومه ومن عمه ، لا يصل إليه شيء مما يكره ومما ينال أصحابه ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إن بأرض الحبشة ملكا لا يظلم أحد عنده ، فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجاً ومخرجاً مما أنتم فيه )) .
فخرجنا إليها أرسالاً ، حتى اجتمعنا بها ، فنزلنا بخير دار إلى خير جار آمنين على ديننا ، ولم نخشى فيها ظلماً .
فلما رأت قريش أنا قد أصبنا داراً وأمنا غاروا منا ، فاجتمعوا على أن يبعثوا إلى النجاشي فينا ليخرجنا من بلاده وليردنا عليهم .
فبعثوا عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة ، فجمعوا له هدايا ولبطارقته ، فلم يدعوا منهم رجلا إلا هيَّأوا له هدية على حده ، وقالوا لهما : ادفعوا إلى كل بطريق هديته قبل أن تتكلموا فيهم ، ثم ادفعوا إليه هداياه ، فإن استطعتم أن يردهم عليكم قبل أن يكلمهم فافعلوا .
فقدما عليه ، فلم يبق بطريق من بطارقته إلا قدموا إليه هديته ، فكلموه فقالوا له : إنما قدمنا على هذا الملك في سفهائنا ، فارقوا أقوامهم في دينهم ولم يدخلوا في دينكم . فبعثنا قومهم ليردهم الملك عليهم ، فإذا نحن كلمناه فأشيروا عليه بأن يفعل ، فقالوا : نفعل .
ثم قدموا إلى النجاشي هداياه ، وكان من أحب ما يهدون إليه من مكة الأدم ، وذكر مسوى بن عقبة أنهم أهدوا غليه فرسا وجبة ديباج .
فلما أدخلوا عليه هداياه قالوا له : أيها الملك ، إن فتية منا سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك ، وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه ، وقد لجأوا إلى بلادك وقد بعثنا إليك فيهم عشائرهم ، آباؤهم وأعمامهم وقومهم لتردهم عليهم ، فإنهم أعلى بهم عينا ، فإنهم لن يدخلوا في دينك فتمنعهم لذلك .
فغضب ثم قال : لا لعمر الله ! لا أردهم عليهم حتى أدعوهم فأكلمهم وأنظر ما أمرهم ، قوم لجأوا إلى بلادي واختاروا جواري على جوار غيري ، فإن كانوا كما يقولون رددتهم عليهم ، وإن كانوا على غير ذلك منعتهم ولم أخل بينهم وبينهم ، ولم أنعم عينا .
وذكر موسى بن عقبة أن أمراءه أشاروا عليه بأن يردَّهم إليهم ، فقال : لا والله حتى أسمع كلامهم وأعلم على أي شيء هم عليه .
فلما دخلوا عليه سلموا ولم يسجدوا له ، فقال ، أيها الرهط ألا تحدثوني مالكم لا تحيوني كما يحيِّّيني من أتانا من قومكم ؟ !
فأخبروني ماذا تقولون في عيسى ، وما دينكم ؟
أنصاري أنتم ؟
قالوا : لا .
قال : أفيهودا أنت ؟
قالوا : لا
قال : فعلى دين قومكم ؟
قالوا : لا .
قال : فمادينكم ؟
قالوا: الإسلام .
قال : وما الإسلام ؟
قالوا نعبد الله ، لانشرك به شيئاً
قال : من جاءكم بهذا ؟
قالوا : جاءنا به رجل من أنفسنا ، قد رعرفنا وجهه ونسبه ، بعثه الله إلينا كما بعث الرسل إلى من قبلنا ، فأمرنا بالبر والصدقة والوفاء وأداء الأمانة ، ونهانا أن نعبد الأوثان ، وأمرنا بعبادة الله وحده لا شريك له فصدقناه وعرفنا كلام الله ، وعلمنا أن الذي جاء به من عند الله فلما فعلنا ذلك عادانا قومنا وعادوا النبي الصادق ، وكذبوه وأرادوا قتله ، وأرادونا على عبادة الأوثان ، ففررنا إليك بديننا ودمائنا من قومنا .
قال : والله إن هذا لمن المشكاة التي خرج منها أمر موسى .
قال جعفر : وأما التحية : فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن تحيه أهل الجنة السلام . وأمرنا بذلك فحييناك بالذي يحيِّي بعضنا بعضا .
وأما عيسى بن مريم ، فعبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ، وابن العذراء البتول .
فأخذ عودا وقال : والله ما زاد ابن مريم على هذا وزن هذا العود .
فقال عظماء الحبشة : والله لئن سمعت الحبشة لتخلعنك .
فقال : والله لا أقول في عيسى غير هذا أبدا , وما أطاع الله الناس في حين
ردَّ علي ملكي فأطيع الناس في دين الله ، معاذ الله من ذلك .
وقال يونس عن ابن إسحاق : فأرسل إليهم النجاشي فجمعهم ، ولم يكن شيء أبغض لعمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة من أن يسمع كلامهم .
فلما جاءهم رسول النجاشي اجتمع القوم فقالوا : ماذا تقولون ؟
فقالوا : وماذا نقول ! نقول والله ما نعرف وما نحن عليه من أمر ديننا ، وما جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم كائن من ذلك ما كان .
فلما دخلوا عليه كان الذي يكلمه منهم جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه .
فقال له النجاشي: ما هذا الدين الذي انتم عليه ؟ فارقتم دين قومكم ولم تدخلوا في يهودي ولا نصرانية .
فقال له جعفر : أيها الملك ، كنا قوماً على الشرك ، نعبد الأوثان ونأكل الميتة ونسيء الجوار ، يستحل المحارم بعضنا من بعض في سفك الدماء وغيرها، لانحل شيئاً ولا نحرمه ، فبعث الله إلينا نبياً من أنفسنا نعرف وفاءه وغيرها ، لا نحل شيئاً ولا نحرمه ، فبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.manyawye.jeeran.om
محمود امام

محمود امام


المساهمات : 922
تاريخ التسجيل : 29/09/2009
العمر : 30
الموقع : http://maksat1.ahlamontada.net

السيره النبويه Empty
مُساهمةموضوع: رد: السيره النبويه   السيره النبويه Emptyالأحد ديسمبر 13, 2009 5:31 pm

شكراااااااا لك راضي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://maksat1.ahlamontada.net
نجم المركز محمد راضي

نجم المركز محمد راضي


المساهمات : 1094
تاريخ التسجيل : 20/09/2009
العمر : 31
الموقع : www.rady.own0.com

السيره النبويه Empty
مُساهمةموضوع: رد: السيره النبويه   السيره النبويه Emptyالأحد ديسمبر 13, 2009 6:18 pm

شكرا لردك يا امااااااااااااااام
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.manyawye.jeeran.om
 
السيره النبويه
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مركز شباب مدينة المنيا {أ}  :: منتدى الاسلاميات-
انتقل الى: